جريمة الإتجار في البشر في التشريع الجنائي.
تعتبر جريمة الاتجار بالبشر من اخطر المعاملات الغير مشروعة في العالم . حيث يقف وراء هده الأنشطة الإجرامية عصابات كبيرة
لنقل أعداد كبيرة من البشر عبر الحدود الدولية. و هدا ما جعل المنتظم الدولي يتصدي لها بكل قواه لهده الظاهرة ، بوصفها شكلا مهينا
ومخزيا من أنماط العبودية وشكلا مأساويا من أشكال الاسترقاق التي مازلت تخضع فئة
من البشر حيث يتم استغلاهم جنسيا أو جسديا
. سواء باستخدام ، الخداع أو القوة والإكراه او
التحايل والتضليل و في هدا الإطار يأتي تجريم المشرع المغربي لهدا النوع من
الجرائم الحاطة من الكرامة الإنسانية. حيث
سنتعرف من خلال هده الدراسة على أركان هده الجريمة و العقوبات التي افردها المشرع
المغربي لها .
المطلب الأول: الأركان المكونة لجريمة الاتجار بالبشر.
نظم المشرع
المغربي جريمة الإتجار في البشر بمقتضى القاون 27.14 . متضمنا المواد التي تبين قواعد
التجريم والعقاب, وقد وضح المشرع الجرائم
التي تدخل في نطاق هده جريمة وحدد الأركان
المكونة لها ، لذلك سوف نسلط الضوء
على ركنين أساسين لجريمة الاتجار بالبشر هما الركن المادي و الركن المعنوي.
الفقرة الأولى : الركن المادي:
يقوم الركن المادي لجريمة الاتجار في البشر على ثلاثة عناصر وهي السلوك الإجرامي و النتيجة الإجرامية و العلاقة السببية بينهما.
أولا: السلوك الإجرامي
يتخد السلوك الإجرامي في هده الجريمة عدة صور التي من
خلالها تتحقق الجريمة ، ويضم السلوك
الإجرامي في جريمة الاتجار بالبشر الأفعال التي يؤتيها الجاني بوسائل حددها المشرع في الفصل 1-448 من القانون الجنائي
المغربي .
أ- التجنيد: يقصد به تطويع الأشخاص واستخدامهم كسلعة قابلة للتداول
بالمخالفة للقوانين و الأعراف الدولية، بهدف الاستغلال وجني الأرباح أيا كانت الوسائل المستعملة
.و بغض النظر عن حدود ارتكابها.
ب- الاستدراج: حيث
ينطوي على استعمال وسائل الإغواء أو
التغرير أو الضغط لاستخدامها في افعال أو اهداف
غير قانونية ، مما يجعل الضحية تتبع
الجاني دون إكراه أو تحريض
ت- النقل: يفهم
منه نقل الأشخاص من مكان إلى أخر داخل
الحدود الوطنية وعبرها. ويتحقق هذا السلوك عندما يتم بوسائل و أساليب مخالفة للقانون. بالخصوص
عند نقل الأطفال عبر الحدود. وهنا وجب
التمييز ففعل النقل يشترط رضا
الضحية ورضا من له سلطة عليه، اما إذا اقترن بالجبر سمي ترحيلا.
ث- التنقيل: و
يعني تحويل الملكية إلى شخص آخر، استعمال أساليب الجبر والقوة،فالإنسان بطبيعته لا يمكن استغلاله أو بيعه أو الاستئثار
به أو تملكه . وبالتالي لا يصلح أن يكون محلا للحقوق المالية.
ج- إيواء
الأشخاص: يقصد به تدبير مكان آمن للإقامة الضحايا سواء داخل الدولة، أو في دولة المقصد التي تم نقلهم
إليها، حيث تم توفير المأكل ومشرب تمهيدا
لاستغلالهم .
ح- استقبال الأشخاص: ويعني استلام الأشخاص الذين تم نقلهم أو تنقيلهم داخل الحدود الوطنية أو عبرها، الفاعل يلتقي الضحية عند وصوله من نقطة انطلاقه، وقد يتتبع ذلك القيام بنقله من مكان استقراره أو بتوفير المسكن له.
خ- الوساطة أو الوسيط: ويقصد بها الأشخاص العصابات الإجرامية المنظمة وغير المنظمة، التي تسهل عملية الوساطة والنقل ما بين الجماعات و الضحايا الأخرى .
2- وسائل ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر
اشترط المشرع
المغربي أن تتم هذه الأفعال بوسائل محددة على
سبيل الحصر بحيث لو تم الفعل بغيرها لأصبح الفعل غير مجرم و وهي:
أ – استعمال
القوة والتهديد باستعمالها:
ب- الاختطاف.
ت- الاحتيال أو
الخداع.
ث – إساءة
استعمال السلطة والوظيفة أو النفوذ.
ج- استغلال
حالة الضعف أو الحاجة أو الهشاشة.
ح- إعطاء أو
تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة على آخر بقصد الاستغلال.
. ثانيا : النتيجة الإجرامية
فجريمة الاتجار بالبشر تتخذ فيها النتيجة الإجرامية عدة صور وذلك تبعا للغرض الذي أراد الفاعل الحصول عليه ، وتكمن هذه الصور في الاستغلال الجنسي، خاصة استغلال دعارة الغير والاستغلال عن طريق المواد الإباحية . ويشمل أيضا الاستغلال بواسطة العمل القسري أو السخرة أو التسول أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو نزع الأعضاء أو نزع الأنسجة البشرية أو بيعها، أو الاستغلال عن طريق إجراء التجارب والأبحاث الطبيعية على الأحياء، أو استغلال شخص للقيام بأعمال إجرامية أو في النزاعات المسلحة .
ثالثا: العلاقة السببية
لتحقق الركن المادي في جريمة الاتجار بالبشر يشترط أن يكون الاستغلال الجنسي واستغلال دعارة الغير والاسترقاق والسخرة والعمل القسري ونزع الأعضاء البشرية، نتيجة السلوك الإجرامي التنقيل وكالنقل والاستدراج والاستقطاب والاستقبال والترحيل ، وذلك باستعمال أية وسيلة من الوسائل التي حددها المشرع المغربي .
الفقرة الثانية: الركن المعنوي
بالإضافة إلى
الركن المادي يتطلب قيام جريمة الاتجار بالبشر ركن أخر هو الركن المعنوي، و يقصد
به أن يكون الفاعل قاصدا ارتكاب الجريمة،
وبما أن جريمة الاتجار بالبشر من الجرائم العمدية، فانه يشترط لارتكابها توافر كل من القصد العام والقصد الخاص.
فضلا عن توافر قصد استغلال المجني عليه كقصد جنائي خاص.
أولا: القصد الجنائي العام
و يعني اتجاه إرادة الفاعل إلى تحقيق واقعة إجرامية مع علمه بكافة عناصرها القانونية، فبمجرد اتجاه الإرادة نحو سلوك مجرم دون سعي إلى تحقيق غاية محددة كافي لتحقيق القصد مع توافر العلم. والقصد الجنائي العام يتكون من عنصريين هما العلم والإرادة.
عنصر العلم ويقصد به تلك الصورة الذهنية التي تولد لدى الفاعل عن عناصر الجريمة، فيجب أن يكون على علم تام أن محل الجريمة الاتجار بالبشر هو الإنسان، وأنه يقوم بواحد من الأفعال الإجرامية المكونة لهده الجريمة .
وبخصوص الإرادة فهي نشاط داخلي الهدف منه تحقيق نتيجة معينة غير مشروعة وهي المساس بحق
معين أو مصلحة معينة يحميها القانون ويشترط أن تكون إرادة الجاني مدركة وواعية و
وتتوافر لديه حرية الاختيار.
ثانيا : القصد الجنائي الخاص
يتجسد القصد
الخاص في جريمة الاتجار في البشر في
استهداف الجاني من وراء السلوكات المكونة للركن المادي للجريمة استغلال الضحايا و
كما سلف الذكر فقد حدد المشرع المغربي صور الاستغلال على سبيل الحصر.
المطلب الثاني: العقوبات المفردة لجريمة الاتجار بالبشر
حسب القانون
المنظم لجريمة الاتجار بالبشر اعتبرها
المشرع جناية لخطرة الأفعال المشكلة لها وبالتالي يعاقب عليها بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وبغرامة من 10.000
إلى 500.000،كما يعاقب بنفس العقوبة على
محاولة ارتكابها كما جعل لها المشرع ظروف تشدد من العقوبة وأعذار
معفية او مخففة من العقوبة .
الفقرة الأولى: ظروف المشددة من العقوبة.
شدد المشرع
عقوبة جريمة الإتجار بالبشر لاقترانها بظروف
عينية أو شخصية تكشف عن خطرورة الجاني والسلوك الذي تمت به الجريمة . ويمكن تقسيم تلك الظروف
إلى ظروف عينية واخرى شخصية.
أولا: الظروف المشددة
العينية
الظروف العينية
لها علاقة الفعل الإجرامي و ظروفه من حيث الزمان و المكان و كذا النتائج المحصلة
منه ، أو بالوسائل المستعملة.
· إذا ارتكبت الجريمة بواسطة التهديد بالقتل أو
بالإيذاء أو بالتعذيب أو الاتجار أو التشهير.
· إذا كان مرتكب الجريمة حاملا لسلاح ظاهر أو مخبئ
· إذا كان مرتكب الجريمة موظفا عموميا استغل وظيفته
لارتكاب الجريمة أو تسهيل ارتكابها
· إذا أصيبت
الضحية بواسطة استغلالها في جريمة الاتجار بالبشر بعاهة دائمة أو بمرض عضوي أو
نفسي أو عقلي خصال
· إذا ارتكبت الجريمة من قبل شخصين أو أكثر بصفتهم فاعلين
أصليين أو مساهمين أو مشاركين.
· إذا كان مرتكب الفعل معتادا على ارتكابه
· إذا ارتكبت الجريمة ضد عدة أشخاص مجتمعين
ثانيا: الظروف المشددة
دات الطابع الشخصي
و هنا نقصد كل ما يتصل الفاعل من حيث صفته اوعلاقته بالضحية
· سن المجني عليه وصفته حيث شدد المشرع الجنائي العقوبة بالسجن من عشرين إلى ثلاثين سنة و ذلك
في الحالات التالية:
· إذا ارتكبت ضد قاصر دون
الثامنة عشر.
· إذا ارتكبت
الجريمة ضد شخص يعاني من وضعية صعبة بسبب كبر سنه أو المرض أو الإعاقة أو نقص بدني
أو نفسي أو ضد امرأة حامل سواء كان حملها بينا أو كان معروفا لدى الفاعل.
اقرا
· الظروف المشددة التي تخص صفة الفاعل وعلاقته بالضحية:
بخصوص علاقة
الجاني بالضحية ، يعاقب المشرع
المغربي بنفس العقوبة أعلاه إذا كان الفاعل زوجا للضحية أو أحد أصولها أو فروعها أو وصي
عليها أو كافلا لها أو مكلف برعايتها أو كانت له سلطة عليها.
أما ما يتعلق
بصفة الجاني ، فقد رفع المشرع المغربي العقوبة إلى عشرين سنة كحد أقصى، وغرامة من
1000.000 إلى 1.000.000 درهم في حالة التي يكون فيها مرتكب الجريمة موظفا عموميا استغل وظيفته لارتكاب الجريمة أو
تسهيل ارتكابها.
الفقرة الثانية: الأعذار القانونية المعفية أو المخفضة من العقوبة
حدد المشرع
الجنائي المغربي أعذارا في حالة توفرها
تؤدي إلى التخفيف من العقوبة او الإعفاء منها.
أولا: الإعفاء من العقوبة
حدد المشرع المغربي الأعذار القانونية المخففة أو
المعفية من العقوبة في جريمة الاتجار بالبشر على سبيل الحصر،بحيث يعفى من العقوبات
المنصوص عليها في هذا الفرع، كل من بادر من الجناة بإبلاغ السلطات المختصة بما
يعلمه عن جريمة الاتجار بالبشر قبل تنفيذها أو الشروع في تنفيذها أو مكن من
الحيلولة دون إتمامها.
كما يعفى من
العقاب ضحايا الاتجار بالبشر عن الأفعال التي تصدر عنهم أو يرتكبونها أثناء أو
بمناسبة استغلالهم من قبل تجار البشر.
ثانيا: التخفيف من العقوبة
حيث اجاز
المشرع إعفاء الجاني المبلغ من العقوبة أو تخفيفها والتي جعلها موقوفة على الظروف
التي فيها التبليغ، السلطات المختصة أثناء التحقيق وتمكينها من القبض على باقي المتهمين
.
حيث اشترط أن يتم التبليغ أثناء مرحلة التحقيق، وألا ينتج
عن الجريمة وفاة الضحية أو إصابتها بعاهة دائمة أو بمرض عضوي أو نفسي أو عقلي.
هادشي واعر بزززاااف
ردحذف